لا يخفى عن العين حجم الدمار الناجم عن إعصار إيداي، الذي ضرب مؤخرا مدينة بيرا، الواقعة على الساحل الشرقي للموزمبيق. فمن وراء نافذة طائرة القوات المسلحة الملكية، المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تم إرسالها للضحايا، تبدو مشاهد صادمة للمباني المدمرة، والأشجار المقتلعة، والطرق المقطوعة، ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي دمرتها الأمطار الغزيرة، فضلا عن فيضانات الأنهار.
وبالنسبة لبلد يعاني من نقص الموارد، فإن هذه الكارثة الطبيعية خلفت حصيلة اقتصادية ثقيلة جدا تنضاف إلى الخسائر في الأرواح التي تعد بالمئات. وعدد قتلى الإعصار مرشح للارتفاع مع تقدم عمليات الإغاثة، إذ أكد الرئيس فيليب نيوسي أنها قد تتجاوز ألف قتيل.
ولا تزال السلطات المحلية في حالة تأهب قصوى للوصول المناطق النائية والأكثر عزلة، حيث لا يزال الناس عالقين ومحرومين من الولوج إلى معظم الاحتياجات الأساسية.
وفي هذا السياق، قال وزير البيئة والتنمية الريفية في الموزمبيق، سيلسو إسماعيل كوريا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه بسبب حجم الدمار الهائل، فإنه من المستحيل بالنسبة لبلد بمفرده وبموارده الخاصة، التصدي لهذه الكارثة.
وأصاف أن “هذا وضع مأساوي للغاية، لكننا نحاول أن نتولى الأمر بأنفسنا كأمة”، مشيرا إلى أنه تم إنقاذ، حتى الآن، 100 ألف شخص، مع أسفه لتسجيل 449 حالة وفاة.
وخلف الإعصار، الذي ظهر يوم 4 مارس في الموزمبيق مصحوبا بأمطار طوفانية ورياح قوية جدا بلغت سرعتها 150 كيلومترا في الساعة، أضرارا كبيرة في مناطق عديدة وسط البلاد.
ومر إعصار “إيداي”، الذي وصفته المنظمات الدولية بأنه أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ إفريقيا الوسطى، في مساره، على قرابة 1.7 مليون شخص، وفقا لبيانات الأقمار الصناعية التي جمعها برنامج الأغذية العالمي.
وقال السيد كوريا، الذي يتابع عن كثب عمليات الإنقاذ وتوزيع المساعدات، “حاولنا، في الأيام التي تلت الإعصار، بالموازاة مع الإغاثة المقدمة للساكنة المحاصرة، إعادة فتح الطرق وضمان إمدادات الطاقة والربط بالمياه”.
وأضاف أن التحدي الرئيسي اليوم يتمثل في توفير الغذاء والمأوى والسعي لتجنب أزمة صحية نتيجة نقص المياه الصالحة للشرب، دون أن يستبعد احتمال مواجهة أمراض مثل الملاريا أو الكوليرا.
وذكرت اليونيسيف، التي أكدت نفس هذا المعطى، في هذا الصدد، أن “الاكتظاظ في مراكز الإيواء، ونقص النظافة، والمياه الراكدة والمتعفنة، تهدد بظهور أمراض مثل الكوليرا والملاريا وحالات الإسهال”.
من جانبه، وصف ريكاردو جواو، أحد سكان مدينة بيرا، لوكالة المغرب العربي للأنباء، الوضع المأساوي الذي يعيشه الناس إثر الإعصار، مبرزا أن الإعصار قد دمر كل شيء في طريقه، بما في ذلك المنازل والأشجار والطرق، وغادر تاركا مدينة بيرا في حالة خراب تام.
كما حذر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر من أن مدينة بيرا، رابع أكبر مدينة في موزمبيق، تم تدميرها بنسبة 90 في المئة.
ووفقا لشهادة السيد جواو، فإن “السكان لا يذهبون إلى عملهم، ولا يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية كالغذاء أو الدواء، كما أن النساء والأطفال هم الأكثر تضررا، فهم لا يجدون حتى ما يأكلونه”.
وبصيحة يائسة، ناشد جواو المجتمع الدولي لتقديم مساعدة للمنطقة من أجل تخفيف معاناتها.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد وجه، يوم الجمعة الماضية، “نداء قويا” إلى المجتمع الدولي لتمويل العمل الإنساني العاجل في الموزمبيق ومالاوي وزيمبابوي إثر مرور إعصار إيداي المدمر والمميت.
واستجابت عدة دول ومنظمات دولية لهذه الدعوة، من بينها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الذي خصص دعما بقيمة 20 مليون دولار، والاتحاد الأوروبي الذي خصص 3.5 مليون أورو، وكندا التي خصصت بدورها دعما قد يبلغ 3.5 مليون دولار كمساعدة إنسانية.
من جانبها، أرسلت المملكة المغربية، بتعليمات ملكية سامية، مساعدات إنسانية عاجلة إلى ضحايا إعصار إيداي، ومن المرتقب تسليم دفعة ثانية من المساعدات خلال الأسبوع المقبل.
المصدر : https://echo24.ma/?p=5194